تسويق كتب الطبخ مراحل تحرير كتب الطبخ

فن تسويق كتب الطبخ

منذ فترة شاهدت فيلماً كندياً يتحدث عن مراحل تسويق كتب الطبخ والتعامل مع العملاء. بطل الفيلم طباخ يدعى ويل توفت زوجته وبقي وحده مع ابنهما الصغير كيفن. فكان ويل هو من يطبخ لكيفن ويهتم به بعد فقدانه لوالدته. و من خلال تجربته هذه أصبح لديه برنامج طبخ يستهدف الأشخاص مثله الأسرة القائمة على أحد الوالدين أو من لديهم أطفال يعتنوا بهم وحدهم دون شريك سواء زوج أو زوجة. فكانت وصفات ويل سريعة وتتحضر في أقل من نصف ساعة، وهذا ما جعل من برنامج الطبخ الخاص به مشهوراً وحصول كتابه الأول الذي به هذه الوصفات على المركز الأول على أمازون. 

بطلة الفيلم تدعى بيكي مختصة في تحرير كتب الطبخ، تساعد عملائها الطباخين في تحسين وصفاتهم وكتابة طريقة التحضير بشكل أفضل. طريقتها في تحرير الكتب مختلفة، تحب طبخ الوصفات بنفسها وتصويرها وتغيير المقادير والمكونات كما تراه مناسباً. وحتى تترقى في وظيفتها كلفتها الشركة بمساعدة الطباخ ويل في تحرير كتابه الثاني ومساعدته في تحسين صورته من مجرد طباخ هاوي لمحترف. المشكلة هي أن بيكي لا ترغب في التعامل مع هذا الطباخ لأنه بالنسبة لها مجرد هاوي للطبخ ومستواه أقل من الطباخين الذين تتعامل معهم. لكن حتى تترقى في وظيفتها تقبله كعميل لها.

كيف كانت رحلة بيكي مع هذا العميل؟

في البداية عند مقابلتها للعميل ويل، أخبرها بأن كتابه الثاني سيكون عبارة عن وصفات من المنطقة الجنوبية الغربية التي عاش طفولته فيها، و بما أن عائلة بيكي من نفس المنطقة، كانت تحلم بافتتاح مطعمها الخاص و طبخ الأطباق المشهورة في الجنوب الغربي. فكلاهما، كان لديهما نفس الاهتمام بهذا المطبخ. فعندما سألته بيكي عن الوصفات التي يرغب في إضافتها في الكتاب، لم يكن لدى العميل ويل أي خطط أو أفكار للوصفات التي سيضيفها في كتابه! فحاولت بيكي مساعدته، وأعطته مجموعة كبيرة من الملفات تحتوي على وصفات من مطاعم فخمة في نفس المجال حتى تلهم العميل ويل وتساعده في إتخاذ القرار.

قد يأتي إليك عميل مثل ويل، متحمس، ولديه فكرة يرغب في الوصول إليها لكن لا يدري كيف. ستيف جوبز مؤسس آبل قال "لا يعرف العملاء ما يريدون حتى تظهره لهم". وقال هنري فورد مؤسس شركة فورد للسيارات "إذا سألت الناس عما يريدون، لقالوا خيولًا أسرع". لا يعلم معظم الأشخاص ما يريدون إلى أن يُعرض عليهم، وهكذا حاولت بيكي مساعدة عميلها ويل مع هذه الملفات الكبيرة حتى يقرر وصفات الكتاب. إلا أن ردة فعل العميل ويل كانت عكس توقعاتها، أخبرها بأنه لا يحتاج لكل هذه الملفات التي تحتوي على وصفات مطاعم لا يعرفها، كل ما عليها فعله هو ما يقوله لها. فسألته ما هي الوصفات التي ستضيفها في كتابك؟ لم يكن لديه جواب لذلك. 

بما أن العميل ويل يرغب في تطبيق أفكاره دون أن يُملي عليه شخص آخر ما يفعله، حاولت بيكي معرفة هدفه من هذا الكتاب. كان هدف ويل هو أن يكون الكتاب مرجع لابنه ومثل المنزل الذي يحتضنه بثقافته وتقاليده وحتى يتناقل الوصفات مع أطفاله في المستقبل. فسألت بيكي عميلها ويل عن الأطعمة التي كان يأكلها في صغره ومن هنا بدأوا في تحديد وصفات الكتاب. وحتى أن بيكي ساعدت بوصفات عائلتها التي من نفس المنطقة. إن سؤال العملاء أمثال ويل بـ"لماذا" قد يساعد في فهمهم وجعلهم يشعرون بأن وجهة نظرهم مهمة وأفكارهم مسموعة وجعلهم يشعرون بأنهم المسيطرون وأصحاب الأفكار التي تُنفذ.

اختلافات بيكي والطباخ ويل

بيكي لم تعجبها طريقة عميلها ويل في تحضير الطعام، لأن المقادير المستخدمة في الأطعمة التي يحضرها تعتمد على المعلبات حتى يستطيع تحضيرها في أقل وقت ممكن. وذلك يجعلها غير جيدة وغير صحية للأطفال. برأي بيكي يجب على ويل استخدام مكونات طازجة حتى لو يعني ذلك تحضير الطعام في مدة أطول، أو استخدام المعلبات وكذلك المنتجات الطازجة. وحتى تقنع أي عميل وتغير من رأيه، يجب أن يكون هناك سبباً واضحاً، مع الأخذ في الاعتبار بأن تغيير رأي العميل قد يأخذ وقتاً خصوصاً إذا كان معتاداً على شيء ما. وحتى تغير بيكي من راي عميلها ويل بدأت في تطبيق الوصفات بمكونات طازجة حتى يذوق بنفسه الفرق. في العادة بيكي تطبخ الوصفات بنفسها وليس تعديل الوصفات كتابيًا فقط، تقوم بتعديل المقادير وتحضير الوصفة حسب ما تراه مناسباً، ولا تذهب مع الطباخين والتدخل في عملهم ولكن مع العميل ويل اضطرت عمل ذلك بسبب تغير موعد الطباعة والنشر وبالتالي موعد حفل الترويج للكتاب تأثر، واضطرت بيكي أن تسرع من الإنتهاء من الكتاب الذي يضم 75 وصفة مع عميلها ويل.

كانت بيكي مهتمة كثيراً بجمالية غلاف الكتاب، وأرادت وضع الصورة المثالية للطبق، متجاهلة الجمهور الذي يستهدفه عميلها ويل وهم الأشخاص الذين لديهم أطفال يعتنوا بهم وحدهم. و وضع الصورة المثالية بلا أي أخطاء قد يجعل المشتري من هذه الفئة يشعر بأن الوصفات الموجودة بالكتاب صعبة وتستغرق وقتاً طويلاً لتحضيرها بهذه الصورة. خصوصاً بأن الفئة المستهدفة عادة ما تكون مشغولة برعاية الأطفال والعمل في ذات الوقت لكسب لقمة العيش. 

إن معرفة الجمهور الذي يستهدفه العميل أمر أساسي. بيكي لم تكن تسمع لعميلها ويل وكانت ترغب في تحسين صورته والفئة التي يستهدفها من أجل بناء علامة تجارية أفضل له وتجعله أكثر من مجرد هاوي في الطبخ وحتى لا تتأثر سمعة شركتها بتعاملها مع مجرد هاوي. فكان هناك تضارب في الآراء. حتى أن ويل لم يرغب في دعوة أي من المشاهير والمؤثرين في مجال الطبخ في حفل الترويج للكتاب بل أراد فقط فئته المستهدفة إلا أن شركة بيكي أصرت على ذلك من أجل سمعتها أمام الطباخين الذين تتعامل معهم، أرادت حفلًا يليق بصورتها متجاهلة رغبة العميل ويل واتفاقها معه. في النهاية أستطاع ويل نشر كتابه وكان الحفل ناجحاً رغم أنه كان عكس رغبته.

أهم النقاط عند التسويق لكتب الطبخ

في تحرير وتسويق كتب الطبخ، من المهم معرفة الجمهور المستهدف هل الكتاب يستهدف محبي الحلويات أو الموالح أو من منطقة معينة أو الآباء أو الطلاب، ومراعاة مستوى احترافية الجمهور المستهدف في الطبخ، وحياتهم الشخصية فهذا قد يؤثر على طريقة و مدة تحضيرهم للوصفات فعلى سبيل المثال الفئة التي يستهدفها ويل كانت تحتاج لوصفات سريعة لانشغالها بالعمل ورعاية الأطفال في نفس الوقت. وبالنسبة لتصميم غلاف الكتاب، قد يحكم الأشخاص على الكتاب من غلافه فتأكد من أن الصورة التي تضعها تؤثر بشكل إيجابي على الفئة التي تستهدفها وتحفزها على شراء الكتاب. ومن المهم فهم الهدف من كتابة الكتاب قبل كل ذلك. وأخيراً في حفل الترويح للكتاب، ادعُ الفئة التي تستهدفها أو المؤثرين في نفس المجال.