بودي شوب وفيلم رالف وناتشورا

بودي شوب والأرنب رالف

فيلم الأرنب رالف

في الأشهر الماضية انتشر فيلم قصير بعنوان Save Ralph ويصور الفيلم معاناة أرنب اسمه رالف و عمله في شركة للتجارب على الأرانب، الفيلم هدفه التوعية ضد التجارب على الحيوانات لاختبار مستحضرات التجميل وهذا ما تمارسه أغلب الشركات في معظم الدول. وزاد الفيلم من توجه المستهلكين للبحث عن الشركات التي ضد اختبار منتجاتها على الحيوانات ودعمها والشراء منها. ومقاطعة تلك الشركات التي تجري التجارب على الحيوانات باسم الجمال. إن من ضمن الشركات التي ضد التجارب على الحيوانات منذ بداية تأسيسها، هي شركة ذي بودي شوب.

قصة بداية بودي شوب 

كان حلم جوردن رودريك السفر من مدينة بوينس ايرس لمدينة نيويورك على الحصان وفي عام 1976م قرر تحقيق هذا الحلم. كان لديه عمل تجاري مع زوجته انيتا فاتفقوا على بيعه حتى يستطيع استخدام المال للسفر، ولأن انيتا كانت تحب السفر فكانت داعمه له. ولكن في وقت غياب زوجها كانت تحتاج لإعالة نفسها وأطفالهم، وبعدما فكرت بعدة خيارات قررت أن تفتح متجر لبيع مستحضرات التجميل. لقد سافرت أنيتا لأوروبا وأفريقيا وجنوب المحيط الهادئ وتعلمت من رحلاتها طقوس وعادات الأماكن الي زارتها، وكيف يعتنوا بأنفسهم وأجسامهم. وأكثر الرحلات التي أثرت عليها هي زيارتها لجزيرة تاهيتي، فقد لفت نظرها استخدام النساء للمنتجات الطبيعية والمحلية لصناعة مستحضرات التجميل بأنفسهن. لقد أرادت أنيتا أن يكون متجرها مختلفًا عن باقي متاجر مستحضرات التجميل لذلك فكرة صناعة مستحضرات التجميل من موا طبيعية ومحلية لاقت استحسانها، وحصلت على قرض وتعاقدت مع أخصائي محلي للأعشاب حتى تكون منتجاتها طبيعية بالكامل. وعند اختيارها للاسم، تذكرت ورشة السيارات "The Body Shop" والتي رأتها عندما سافرت لأمريكا، أعجبها ذلك الاسم لذا اختارت ذي بودي شوب ليكون اسمًا لمتجرها. وكانت تكلفة تصميم الشعار 35 دولار تقريبًا.

أول متجر لبودي شوب و مشكلة الاسم

كان موقع أول متجر يُفتتح لبودي شوب في منتجع برايتون في انجلترا، وكان في نفس الموقع متاجر خاصة بتجارة المقابر. ووصلت لأنيتا رسائل من محامين أصحاب تجارة المقابر الذين كانوا يعتقدون بأن اسم متجر "ذي بودي شوب" قد يؤثر على تجارتهم بشكل سلبي. و لكن كانت أنيتا متمسكة بالاسم ولم ترغب في التخلي عنه أو تغييره، فاتصلت بالصحف المحلية لنشر قصتها وقصة متجر ذي بودي شوب، وكان ذلك بمثابة دعاية مجانية خصوصًا باقتراب وقت افتتاح المتجر بشكل رسمي. و في يوم السبت 27 مارس 1976م، تم افتتاح متجر The Body Shop لأول مرة.

مبادئ أنيتا والتي انعكست على بودي شوب

كانت من مبادئ أنيتا هي عدم إنفاقها للمال على الإعلانات، وكانت تستغل كل الفرص للترويج لمتجرها مجانًا. وبسبب الميزانية المحدودة كانت تخصم من السعر للعملاء الذين يعودون لتعبئة علب مستحضرات التجميل بدلًا من رميها وشراء منتجات جديدة مما ساعدها في تقليل تكاليف الإنتاج. وبعد سنة رجع جوردن زوج أنيتا وكان وقتها قد حقق متجر بودي شوب نجاحًا باهرًا  ففي خلال سنة فقط استطاعت أنيتا افتتاح متجر ثاني وبدأت في بيع الامتيازات، وبحلول سنة 1982م كانت تفتتح متجرين كل شهر. وللاستفادة من التوسع طرحت بودي شوب للاكتتاب العام في سنة 1984م، و واتضاعفت قيمة السهم بعد يوم واحد فقط من التداول. واستمرت في الارتفاع طوال أواخر الثمانينيات، و ظهرت المئات من امتيازات بودي شوب في كل أنحاء أوروبا وأمريكا. و بحلول نهاية عام 1992م، وصل عدد متاجر بودي شوب لأكثر من 700 متجر، وأرباحها تجاوزت الـ200 مليون دولار.

نشاطات ذي بودي شوب وتراجع المبيعات

من أبرز نشاطات بودي شوب هي دعمها للقاضيا البيئية والاجتماعية واهتمامها منذ تأسيسها بأن تكون منتجاتها خالية من القسوة وعدم إجراء التجارب على الحيوانات، وهذا أدى لدعاية مجانية لها، واستطاعت أن تتميز عن باقي المنافسين والحصول على عملاء لديهم اهتمام كبير بهذه القضايا. لكن ذي بودي شوب كانت تهتم بالقضايا الاجتماعية أكثر من تطويرها لمنتجاتها، فبدأت الشركات المنافسة في تقليد ونسخ منتجات بودي شوب والاستحواذ على قاعدة عملائها. وفي عام 1995م انتشرت فضيحة عن بودي شوب بأنها تستخدم مواد بتروكيماوية رخيصة و مراقبتها للجودة سيئة وأن خبر تبرعها بـ25% من أرباحها للجمعيات الخيرية غير صحيح، فتراجعت مبيعات بودي شوب. وحاولت أنيتا تصحيح الأوضاع بتغيير إذارة الشركة وهيكلتها من جديد ولكن استمرت المبيعات في الانخفاض. وفي عام 2006م باعت أنيتا بودي شوب لشركة لوريال الفرنسية وهي شركة معروفة باختبار منتجاتها على الحيوانات، وعندما سُئلت أنيتا عن سبب بيعها بودي شوب لهذه الشركة، قالت أنها كانت ترغب في التأثير بشكل إيجابي على قرارات لوريال، وذلك عن طريق إدخال بودي شوب لتكون مثل حصان طراودة بحيث يكون من السهل تحقيق هذا الهدف من الداخل. وبعد وفاة انيتا عام 2007م تم تعيين مدير جديد وتجديد العلامة التجارية لبودي شوب ولكن المبيعات كانت لا تزال في انخفاض.

لوريال و الشركة الأم الجديدة

في عام 2014 م أدخلت شركة لوريال شركة بودي شوب للسوق الصيني وحدثت مقاطعة كبيرة أدت لانخفاض حاد في المبيعات بسبب القانون الصيني الذي يلزم الشركات على اختبار مستحضرات التجميل على الحيوانات حتى يُسمح بدخولها للصين.  وهذا ما قامت بفعله لوريال حيث أنها اختبرت منتجات بودي شوب على الحيوانات مما أدى لحدوث المقاطعة وانخفاض المبيعات. خاصة أن ذلك ضد مبادئ بودي شوب. وبعد عشر سنوات من استحواذ لوريال على بودي شوب قررت بيعها في عام 2017م لشركة برازيلية تدعم القضايا البيئية ولديها نفس قيم ومبادئ بودي شوب مثل عدم إجراء التجارب على الحيوانات، هذه الشركة اسمها Natura وقد تم سحب منتجات بودي شوب من السوق الصيني عند استحواذ ناتشورا عليها.

و في الختام، لقد أثر فيلم رالف القصير على سلوك المستهلكين وجعلهم أكثر وعيًا بأن الحيوانات من الخطأ أن تُعذب باسم الجمال. ويمكن تعلم بعض الدروس في التسويق من قصة بودي شوب، وهي الاستفادة من العلاقات العامة فهذه طريقة مجانية للاعلان ومنها الصحف. وأن الأعمال الخيرية ودعم القضايا المهمة للعملاء تجعلهم يشعرون بالرضا لشرائهم من مكان يشاركهم نفس الاهتمامات والمبادئ. وأخيرًا من المهم تطوير المنتجات وتحليل المنافسين باستمرار حتى لو كنت رائدًا في مجالك لأنه سيكون هناك مقلدين وقد يقوموا بعمل أفضل منك.