ما الذي يؤثر على عملية التسويق؟

هل تعلم الوظيفتان الأساسيتان في كل شركة؟ إنهما التسويق والابتكار، حيث قال خبير إدارة الأعمال بيتر دراكر حيث أن التسويق والابتكار يحققان النتائج بينما الباقي تكاليف. لا تُجرى الأعمال التجارية في عالم يتم فيه إيجاد منتج يريده الناس وصنعه وإخبارهم عنه، بل هناك العديد من العوامل الخارجية التي لا يمكن التحكم بها وتؤثر على عملية التسويق ونجاحه، لذلك يجب على المسوقين معرفتها حيث أن التسويق قد يعمل في بيئة إما تُقيده أو تساعده. وعلى المسوقين أخذ العوامل التالية بعين الاعتبار:

  •  إجمالي الطلب

إن اكتشاف إمكانات أي منتج يُعد جزءًا من تحديد السوق والبحث ويجب أن تعكس خطط التسويق دائمًا هذا المجال من القيود. على سبيل المثال إذا كنت ستكتب كتابًا عن الأعمال التجارية، لتحديد إمكانات هذا السوق فسوف تتحقق من جميع الكتب المكتوبة عن الأعمال، والمبيعات التي حققتها. النتائج لذلك ستعتبر إمكانات السوق الخاصة بك. 
وهناك 5 عوامل لتحديد إمكانات السوق:

1-حجم السوق

العامل الأول والأهم الذي يجب مراعاته أثناء تحديد إمكانات السوق هو حجم السوق لمنتجك. حجم السوق هو إجمالي مبيعات السوق المحتملة لجميع الشركات مجتمعة. لذا إذا خططت لإطلاق منتج صابون أو شامبو جديد، فإن جميع الشركات المختلفة مثل Unilever و P&G هي المنافسين. والمبيعات المجمعة للصابون، بما في ذلك المنتجات ذات العلامات التجارية وغير ذات العلامات التجارية تعتبرجميعها الحجم الكامل للسوق. إذا نظرت إلى مستوى المستهلك، فإن حجم السوق ضخم بشكل عام. سيكون حجم السوق بالملايين أو المليارات أيضًا. ولكن عندما تنخفض إلى المستوى الصناعي، يمكن أن يتراوح حجم السوق بالآلاف. لذا تذكر أن تحديد حجم السوق هو الخطوة الأولى لتحديد إمكانات السوق.

2-معدل نمو السوق

كانت الكتب الورقية شائعة ولكن الآن تم استبدالها بالكتب الإلكترونية ولا تكاد توجد أي حاجة للكتب الورقية (على الرغم من أن الناس لا يزالون يحبون قراءتها). ولقد تراجع سوق أجهزة الكمبيوتر الشخصية مقارنة بسوق أجهزة الكمبيوتر المحمول أو سوق الهواتف الذكية. لذلك إذا الشركات التي تصنع أجهزة الكمبيوتر، عليها أن تدرك ذلك. إن معرفة الترند أو الاتجاهات الجديدة للعملاء بالنسبة للسوق الخاص بك مهم جدًا لأنه يساعدك في التنبؤ بمستقبل منتجك. و يمكن تحديد معدل نمو السوق من خلال التحقق من الحقائق والأرقام الخاصة بالسنوات الخمس الأخيرة من الصناعة التي تعمل فيها. وستوفر لك العديد من المواقع الإلكترونية مثل هذه البيانات. في الواقع ، حتى الصحف تقوم بتحليل متكرر للصناعات التي تنمو وبأي نسبة. فعلى سبيل المثال إذا كنت ستدخل صناعة التجارة الإلكترونية، فسيكون هذا اختيارًا حكيمًا خصوصًا بعد جائحة كورونا التي سرعت من عملية التحول الرقمي. ومع ذلك، بعد مرور 10 سنوات أو أكثر قد يتم اختراع تقنية جديدة تجعل الشراء من المتاجر الإلكترونية أمرًا قديمًا من الماضي!

3-مدى الربحية

على سبيل المثال بالنسبة للتجارة الإلكترونية، يقول البعض أن السوق ضخم وهناك الكثير من الإمكانات. لكن يقول آخرون أنهم تعرضوا لخسائر فادحة بسبب تكاليف التغليف والنقل والشحن عبر المدن والبلاد. كلاهما وجهات نظر وكلاهما صحيح و يُعد تحديد الربحية والتنبؤ بها أمرًا مهمًا لفهم إمكانات السوق، فإذا كان النشاط التجاري سيعطي ربحًا منخفضًا، فيجب أن تكون كميات الإنتاج عالية مثل المنتجات الاستهلاكية، و إذا كان النشاط التجاري سيقدم كميات قليلة، فيجب أن يكون الربح منها أعلى مثل السلع الصناعية أو المواد الخام. ويمكن حساب الربحية لتحديد إمكانات السوق أي مدى ربحية المنتج أو الصناعة من خلال حساب عائد الاستثمار ROI أو العائد على المبيعات ROS.

4-المنافسة

يتطلب تحديد إمكانات السوق فهم وضع السوق للعديد من المنافسين في نفس الصناعة، كما يتطلب أيضًا أن يكون لديك الخطط اللازمة لفهم كيفية التعامل مع هؤلاء المنافسين.

5- نوع المنتج والمستهلك

هل منتجك عبارة عن منتج يُشترى بشكل متكرر أم يُباع لمرة واحدة فقط؟ على سبيل المثال يعتبر الصابون والشامبو من المنتجات الي يتم شراؤها بشكل متكررًا لأنها من السلع الاستهلاكية والتي تستخدم بشكل يومي. ولكن بالنسبة لشراء الثلاجة، فربما ستحتاج إلى ثلاجة أخرى خلال السنوات العشر القادمة. لذلك في حياتك كلها، سوف تشتري 8-10 ثلاجات كحد أقصى. ولكن في خلال عام من المحتمل أن تشتري 40-50 صابونًا أو أكثر بشكل فردي. و سيشتري كل فرد من 300-400 صابون خلال حياته.

هل منتجك جديد تمامًا في السوق؟ ما مدى احتمالية قبول العميل واعتماده وما هي العقبات التي يجب مواجهتها في تبني المنتج؟ هل يمكنك توقعهم الآن؟ لأن ذلك سيساعد في تحديد إمكانات السوق. وستمنحك العناصر الخمسة المذكورة أعلاه فكرة جيدة جدًا عن إمكانات السوق لمنتجك، بغض النظر عما إذا كان المنتج موجودًا في السوق أو أنك ستطلق منتجًا جديدًا. و تذكر هذا لا ينطبق على المنتجات المبتكرة لأن حجم السوق ومعدل نمو المنتجات المبتكرة غير معروفين.

  •  توفر رأس المال والعمالة

إن التسويق يكلف المال وكذلك صنع المنتج ففي النهاية تحتاج الشركة إلى تحقيق عائد مقبول على استثماراتها وحتى تنجح فهي تحتاج إلى العدد المناسب من الأشخاص المتمرسين لأداء العمل. فعلى سبيل المثال تقديم الدعم في الخدمات الفنية لقسم التسويق مجرد مثال واحد على الحالات التي قد تكون هناك حاجة إلى العديد من الموظفين المتخصصين من مجالات مختلفة للمساعدة في التسويق.

  •  المنافسة

إذا باع المنافس "أ" أكثر ، يتقلص السوق غالبًا للمنافس "ب"؛ إذا كان لدى شخص ما كاميرا فوجي، فهل سيرغب في شراء كاميرا من كانون أيضًا؟ لقد وُجدت قوانين المنافسة لمنع الاحتكارات أو امتلاك شركة واحدة الكثير من القوة السوقية في قطاع معين. لكن المنافسة تعكس أيضًا أنماط إنفاق الأشخاص، على سبيل المثال تتنافس الكتب مع المنتجات الترفيهية الأخرى مثل الأفلام أو أقراص DVDS - وتأتي مشتريات الكتب من الدخل التقديري وبالتالي تنافس أيضًا عمليات الشراء الأساسية مثل الطعام.

  •  القوانين

يتم إدخال وتغيير القوانين وهي ما تؤثر على عملية التسويق، فمثلًا في عام 2007 حظرت الحكومة البريطانية التدخين في الأماكن العامة فبالتالي انخفضت مبيعات التبغ بينما زادت مبيعات علكة النيكوتين لمساعدة الأشخاص على الإقلاع عن التدخين. يمكن أن تؤدي الاستجابة الإيجابية للتشريعات إلى تعزيز التسويق. ومثلما حظرت سنغافورة بيع العلكة، انخفضت السوق العالمية ولكن قد تكون منتجات الحلويات الأخرى قد استفادت من هذا القرار.

  •  توريد المواد الخام

من المهم التنبؤ قدر الإمكان بسعر وتوافر المواد الخام حيث أنه ارتفعت أسعار السلع الخام بسرعة مع ارتفاع الطلب من الصين. وبالمثل، تؤثر تقلبات أسعار النفط على تكلفة نقل المواد الخام لمسافات طويلة.

  •  قنوات التوزيع

سيؤدي عدم وجود موزع في السوق الذي يكون فيه التصدير كثيرًا إلى الحد من المبيعات الإجمالية، وذلك ما حصل مع كنتاكي عندما عرضوا أحد منتجاتها بسعر معقول ونفذت الكمية وحصلت مشاكل في توصيل الدجاج لمقرات المطاعم مما سبب في إغلاق معظمها وفقدان فرصة كبيرة للمبيعات والربح بسبب الطلب العالي وقتها. ولكن هذه النقطة، أي بالنسبة للتوزيع قد يتم ملاحظة المشكلة من البداية والتعامل معها بسهولة.

بعض العوامل يسهل التعامل معها نسبيًا بينما البعض الآخر خارجي تمامًا عن الإرادة. و لبعضها تأثير طويل الأمد و يمكن أن يكون للجميع تأثير مباشر على الأسواق وفرص التسويق سواء بشكل إيجابي أو سلبي. و يمكن أن ينتج عن أحد التغييرات كلاهما: على سبيل المثال قد يؤدي التغيير القانوني في اختبار الأدوية إلى تأخير إطلاق عقاقير جديدة وتقليل عائدات شركات الأدوية في نفس الوقت مع زيادة الأرباح المكتسبة من العلاجات المختلفة.

التأثيرات الخارجية الأخرى التي قد تخلق الفرص والقيود تشمل ما يلي:

  •  العوامل الاجتماعية 

تؤثر الاتجاهات الديموغرافية (من ضمنها الثقافة والتركيبة السكانية والدخل والأعمار) أو تغييرات نمط الحياة على الأسواق. على سبيل المثال، في العائلات التي يذهب فيها كلا الشريكين إلى العمل، هناك فرص أكبر للأطعمة الجاهزة ، وقد أدت الزيادة في المتقاعدين الأثرياء إلى خلق فرص لشركات السفر.

  •  السياسة

تؤدي التغييرات في الحكومة إلى تغييرات في التشريعات، مثل قوانين الصحة والسلامة التي تؤثر على تصميم المنتج، وقد تؤثر حقوق المستهلك الجديدة على المعلومات التي يمكن أو يجب تقديمها عن المنتجات. يمكن أن تساعد القرارات الحكومية أيضًا في فتح أسواق جديدة من خلال إنشاء مناطق تجارة حرة؛ ومع ذلك، فإن التعريفات الجمركية الإضافية على الواردات ستقلل من جاذبية السوق للمصدرين. غالبًا ما تكون مثل هذه القرارات سياسية، حتى لو تم اتخاذها ظاهريًا لأسباب تتعلق بالسياسة الاقتصادية.

  •  الاقتصاد

تؤثر التغييرات في الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة المبيعات على أسعار السلع والخدمات، والتي بدورها قد تؤثر على الطلب. و تؤثر التغييرات في الضرائب المباشرة مثل ضريبة الدخل على دخل الناس وبالتالي على سلوكهم في الإنفاق، كما هو الحال مع التغييرات في أسعار الفائدة لمن لديهم مدخرات أو رهونات عقارية.

  •  التقنية

أنشأ الإنترنت والبريد الإلكتروني فرصًا جديدة للمنتجات وطرقًا جديدة لتسويق المنتجات. حيث أحدث الويب ثورة في تجارة التجزئة، وزاد من شفافية الأسعار وأدت القدرة على تنزيل الملفات الرقمية إلى الهواتف المحمولة والأجهزة مثل iPod من Apple إلى تغيير جذري في مجال نشر الموسيقى، في حين أدت سهولة إرفاق ملفات المستندات بالبريد الإلكتروني إلى إحداث ثورة في طرق الاتصال، مما قلل من سوق الخدمات البريدية وإرسال الرسائل و انهيار سوق آلة الفاكس.


وفي الختام يجب على الشركات مراقبة نظام السوق وتوقع كيف يمكن أن يتغير حتى تتمكن من تحويل الفرص المحتملة لصالحها والعمل على تقليل الضررالناجم عن التهديدات حيث أن بعض التغييرات لها آثارًا إيجابية وسلبية أو كلاهما.