معنى الرأسمالية وسبب اختراع لعبة المونوبولي

ما سبب اختراع لعبة المونوبولي؟

في عام 1903م إليزابيث ماجي -أو كما يسميها أصدقاؤها ليزي اختصارًا لاسمها- ابتكرت لعبة Landlord's Game أو لعبة المالك. كان هدفها من اللعبة هي توعية الناس وتعليمهم عن الرأسمالية، و اختارت هذه الوسيلة أن الألعاب اللوحية كانت شائعة بين الناس من الطبقة المتوسطة.

معنى الرأسمالية وأضرارها

معنى الرأسمالية هي استطاعة الأفراد والشركات الشراء والبيع بدون رقابة أو قيود أو تدخل من الحكومة. في هذه الحالة سيفعل الناس أي شيء لكسب المال حتى لو كان منافيًا للأخلاق أو غير إنساني. وذلك يؤدي إلى التفكك الإجتماعي و كذلك احتكار الشركات في السوق، فممكن شركة وتشتري شركات منافسة أو تخرج منافسين من السوق فتبقى وحدها المسيطرة على السوق، فبالتالي سيشتري الناس منها حتى لو كانت نتجاتها رديئة لعدم وجود بديل. إن للرأسمالية تأثير على المبدعين والمبتكرين الذين يرغبون في إنشاء شركتهم الخاصة، وذلك بسبب تحطيمهم من قبل الشركات التي لها سلطة ومال أكثر، مما يؤدي لإخراج المبتكرين من السوق. وقد تؤدي الرأسمالية لتحكم الشركات في الدولة، فبدل خضوعها لسلطة الدولة تخضع الدولة للشركة، على سبيل المثال، ما حصل بين قوقل وأستراليا، حين طلبت أستراليا من قوقل الدفع لصناع المحتوى والناشرين في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية في مقابل ظهورهم على قوقل. لكن قوقل هددت بسحب خدماتها من أستراليا ولكن لاحقًا بعد عدة أشهر تم الاتفاق على إنفاق قوقل 700 مليون دولار لصناع المحتوى في أستراليا في السنوات الخمس القادمة.

نسخة ليزي من لعبة المونوبولي 

كانت نسحة ليزي عبارة عن لعبة مستمرة، فيها سجن وفرص وحتى يفوز الشخص يجب عليه الحصول على بطاقات وعقارات أكثر. وقد تم رفض لعبتها من باركر بروثرز -شركة أمريكية لتصنيع الألعاب- لأنها كانت تعتبر بالنسبة لهم تعليمية وتميل للجانب السياسي، وفي عام 1906م نشرت اللعبة بنفسها ولم يكن هناك إقبال عليها، لكن المفاجأة هي أن اللعبة انتشرت في أنحاء أمريكا بين الناس بطريقة غير قانوينة! لقد تم نسخها وصناعتها يدويًا وتناقلها الناس بينهم، وكانت هناك عدة نسخ بأسماء شوارع مدن مختلفة مثل مدينة بوسطن، وفيلاديلفيا، ونيويورك. وانتشرت فكرة ليزي بين ملاك العقارات لكن كانت نتيجة رد فعلهم عكس ما كانت تهدف إليه عند ابتكارها للعبة. فبدل توعية الناس بالرأسمالية ويكون هناك عدل في توزيع الأموال، أعطت اللعبة فكرة لملاك العقارات في إفلاس أصدقائهم وعائلاتهم. والقصة لا تنتهي هنا، بل تبدأ مع تشارلز ديرو.


تطوير تشارلز للعبة المونوبولي

في نهاية عام 1932م انعزم تشارلز ديرو مع زوجته عند جيرانهم ولعب معهم هذه اللعبة التي كانت صعبة ومالها بداية او نهاية، و كانوا اللاعبين يقومون بشراء وبيع العقارات والذهاب للسجن وكانت لديهم فرصة لربح الأموال وخسارتها. أعجب تشارلز بهذه اللعبة وطلب من جاره كتابة قواعد اللعبة له أو إعطاؤه نسخة مكتوبة منها. لكن للأسف لم يكن هناك أي قواعد مكتوبة لأن الناس تناقلوها بينهم ولم يكن هناك اسم رسمي للعبة ولم تكن تُباع في صندوق، لكنها كانت معروفة بينهم باسم لعبة الاحتكار أو المونوبولي وهي نفسها اللعبة التي حاولت ليزي نشرها في عام 1906م باسم "لعبة المالك".

فكر تشارلز ديرو في عمل نسخته الخاصة من اللعبة وكتابة قوانينها، وتوجد أول نسخة صممها للعبة المونوبولي في متحف الألعاب في نيويورك، النسخة مرسومة وملونة يدوياً وكتب اسامي شوارع مدينة أتلانتا وكل مجموعة من العقارات بلون مختلف ورسم الايقونات والسهم والنسخة التي صممها شكلت النسخة الحالية في الأسواق للعبة المونوبولي. وتناقل الناس لعبة تشارلز الجديدة وبدأ في بيع عدة نسخ منها، وفي عام 1934م إحدى المحلات طلبت لعبته وبسبب ذلك قرر في التوسع وتحدث مع شركة الألعاب باركر بروذرز لكنهم رفضوا اللعبة، لأن برأيهم كان فيها 52 خطأ! تجاهل تشارلز تعليقهم وبدأ في بيع اللعبة بنفسه لدرجة أن 20 الف نسخة تم انتاجها في عام 1934م.

سمعت شركة باركر بروذرز عن نجاح لعبة تشارلز، وتواصلوا مع ليزي، لقد كان هدفهم هو شراء حقوق اللعبة الأصلية منها حتى يتعاقدوا مع تشارلز في نشر النسخة التي صممها. كانت ليزي وقتها لا تعرف شيئًا عن نسخ لعبتها من قبل تشارلز. دفعت شركة باركر بروذرز لها 500 دولار مقابل حقوق وبراءة اختراع اللعبة. وأرسلوا لها نسخة من لعبتها، لقد كانت سعيدة جدًا ولم تشك بأي شيء وكانت متشوقة لنشر المزيد من الألعاب. لكنها كشفت في النهاية ما قاموا بفعله، وفي عام 1936م أجرت عدة مقابلات مع الصحف الأمريكية عن الحادثة التي حصلت لها، لقد كانت غاضبة ومتأذية وترغب في الإنتقام من الشركة التي سرقت فكرتها التي أصبحت من أكثر الألعاب مبيعاً.

كل ما حصلت عليه مقابل اللعبة هو 500 دولار لكن هذا أقل بكثير مما أنفقته على براءة الإختراع والمحاميين، وماتت وحيدة بعد عملها في التعليم، ولقد كانت كاتبة مهتمة باختراع الألعاب. وحصل تشارلز على نجاح فكرة لعبة المونوبولي وأصبح مالكها فعند البحث على مواقع الإنترنت عن مخترع لعبة المونوبولي سيظهر اسم تشارلز ديرو الذي تقاعد وعمره 46 سنة ومات مليونيرًا وعمره 78 سنة بعد أن كان عاطلًا عن العمل وقت تطويره للعبة. وأكثر من بليون شخص حول العالم لعب هذه اللعبة، وفي أكثر من 114 دولة وبـ47 لغة فهي لعبة عالمية.

دروس في التسويق من قصة اختراع لعبة المونوبولي

إن هذه القصة تحذرنا من الرأسمالية وأضرارها، ولكنها أيضًا تذكرنا بأن الأفكار من السهل نسخها، ولكن يتطلب الأمر شخصًا مبدعًا ومميزًا ولديه الشغف والحماس لتطويرها، فكل شخص يملك شيئًا يميزه عن غيره لذا لا تقلق من سرقة أفكارك. مثال آخر على تطوير الفكرة، هي لعبة سعودي ديل النسخة السعودية من لعبة المونوبولي، بدون لوحة، فقط أوراق وتم استخدام اللهجة العامية المحلية لاستهدافهم الشباب، فهذه اللغة أقرب لهم. وفيها اللاعبين يقوموا بتجميع الأراضي أو سرقتها للفوز.

هنا بعض النقاط التي يمكن تعلمها من هذه القصة في التسويق:
1-اعرف جمهورك والطريقة الأمثل للتواصل معهم. لقد أنشأت ليزي لعبة المال لأن الألعاب اللوحية كانت شائعة بين بيوت الطبقة المتوسطة، والتي كانت ترغب في توصيل فكرتها وتوعيتهم عن الرأسمالية. وسعودي ديل استخدمت اللهجة المحلية لاستهدافهم الشباب. وأنت أيضًا قد تكون الفئة التي تستهدفها تتواجد في أماكن معينة أو تستخدم مواقع محددة، فقد ترغب في التواجد أينما كانوا والتواصل معهم بلغتهم وطريقتهم.

2-بما أن للرأسمالية أضرار كبيرة مثل تحكم الشركات بالسوق، تعرف على أنواع المنافسات أو أنظمة وهياكل السوق من خلال هذه التدوينة: ما هي أنظمة أو هياكل السوق

3-يوجد الإلهام في كل مكان من حولك، فكر كيف يمكن أن تطور من منتج أو خدمة متاحة حاليًا في مجال ما وتصبح رائدًا فيه. وإذا كنت خائفًا من سرقة كتاباتك وبرامجك، تستطيع توثيق أعمالك أو رفع دعوى من خلال موقع الهيئة السعودية للملكية الفكرية.

4-إن حقيقة اعتراف باركر بروذرز بغلطتهم في تقييم لعبة المونوبولي -نسخة تشارلز-، وعقد الصفقة معه في النهاية هو شيء يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. لا تجعل كبريائك يمنعك من الاعتراف بأخطائك! كيف يمكنك الاستفادة من خطأ ارتكبته سابقًا وتحويله لفرصة لصالحك في المستقبل؟