تأثير وصف المنتج والسعر على سلوك المستهلك

وول مارت شركة أمريكية للبيع بالتجزئة، تُعرف بإدارتها لسلسلة من محلات السوبرماركت و أسعارها المنخفضة ولها فروع حول العالم. عند دخول هذا السوبرماركت ستلاحظ لافتات الأسعار المخفضة في جميع أرجاءه فهو يعتمد على بيع الملايين من المنتجات والحصول على هامش ربح منخفض، مما يدفع المنافسين لخفض الأسعار كذلك. 


لكن إذا كنت تعمل في مجال إبداعي كالتسويق والتصميم والتصوير، فتوقف عن تخفيض أسعارك! إذا كنت مصمم حر و تعرض خدماتك في التصميم مقابل عشرين ريالًا فكم من تصميم ستصمم في الشهر لتصل على الأقل على نفس راتب المصمم الذي يعمل في الشركات؟ تذكر مقولة الجودة أهم من الكمية في الأعمال الإبداعية. و لا تحاول تقليد وول مارت في أن تكون رائدًا في مجالك عن طريق تخفيض الأسعار.


من خلال دراسة في جامعة هارفارد عام 2015 قام باحثون بتقييم كيفية تفاعل الأشخاص مع الترتيب الذي تم به عرض سعر و وصف المنتج و درسوا الاختلافات على المستوى السلوكي عن طريق قياس المشتريات و على المستوى العصبي باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي للسماح لهم بتتبع مناطق الدماغ التي تلعب دورًا في اتخاذ القرار، و وجدوا أن ترتيب العرض قد أحدث فرقًا بالفعل. حيث يوضح هذا البحث أنه إذا قمت بتغيير النقطة التي يظهر عندها سعر المنتج، يمكنك التحكم في طريقة تقييم المستهلكين للمنتج.


فعندما تعرض السعر أولًا ومن ثم المنتج أو الخدمة، يقرر العملاء بناءً على القيمة الاقتصادية لما تُقدمه ويكون سؤال القرار هنا "هل يستحق هذا الشي إنفاق المال عليه؟"


لنفترض أنك تعمل في أحدى المجالات الإبداعية و وضعت السعر في أعلى صفحة موقعك على سبيل المثال 500 ريال لتصميم اللوقو أو الشعار، هل تعلم ما الذي سيفعله العميل عند دخوله لموقعك و رؤيته لسعرك أولًا؟ سوف يُقارن في الحال الأسعار بين عدة مواقع أو أشخاص آخرين غيرك ويختار الخدمة ذات السعر الأقل.


من الممكن أن يؤدي عرض السعر أولًا إلى زيادة شراء المنتجات ذات الأسعار المنخفضة عندما يتم التعرف على قيمتها بسهولة، مثل المنتجات التي نستهلكها بشكل يومي. ونجد أن صفحة سوبرماركت مانويل للعروض الترويجية تعرض السعر في البداية حيث يكون المستهلكون على دراية بأساسيات وخصائص المنتجات وهذه تعتبر ميزة لهم بسبب تعارف الناس على أسعار المنتجات التي يستهلكونها بشكل دوري. لذا تأكد من عرض سعر الصفقة أولاً في المنتجات المتعارف على أسعارها خصوصًا في صفحة العروض أو الصفقات اليومية بلون بارز، هذا هو التفرد أو الميزة لمنتجك. و يجعل الزائرين للموقع يفكرون في المنتج من حيث القيمة أو المنفعة التي يقدمها وهل يستحق المبلغ المعروض أم لا. قد تخسر المبيعات إذا وضعت السعر في البداية وفشلت في تقديم قيمة يرى المستهلك أنها قابلة للتصديق، فلا يمكنك خداع المستهلكين بأن السعر الذي تقدمه رائع، لأنهم أصبحوا يدققون في السعر و يتأكدون من أنه يستحق ذلك أم لا.


بينما عندما تعرض وصف المنتج أو الخدمة أولًا ومن ثم السعر يتساءل العميل عند اتخاذ القرار "هل يعجبني هذا الشيء؟" ويكون السعر شيء ثانوي عند اتخاذه للقرار في هذه الحالة. و يمكنك ملاحظة تأخير عرض السعر على موقع شركة تيفاني للمجوهرات والعطور. فعلى سبيل المثال عند الدخول لاحدى صفحات العطور ستظهر لك صفحة تعطي معلومات عن مجموعة العطور مع عرض صور احترافية لها ومن ثم يمكنك رؤية السعر عند رغبتك في التسوق بخط صغير وبلون باهت لا يلفت النظر. هناك أيضًا نقطة مهمة بما أن العطور لا يمكن شمها فوضع وصف لها في البداية يساعد العملاء على معرفة وتوقع ما إذا كان ذلك سيعجبهم أو لا. ويمكن تطبيق نفس الشيء مع البخور.


وإذا كان لديك منتج فاخر عالي الجودة وغالي الثمن فتأكد من التركيز على خصائصه ومميزاته وجودته عند إعلانك له أو تقديمه للمستهلكين، وبذلك ستظهر لهم أن المنتج يستحق سعره. مثل الكمبيوتر أو السيارة - فمن الأفضل إظهار تفرد هذه المنتجات وفوائدها أولاً.  


وإذا كنت تعرض خدماتك الابداعية على موقعك فمن الأفضل أن تبدأ بوصف ما تقدمه من الخدمات والحلول التي تقدمها وكيف ستقدمها والمدة الزمنية لتنفيذها وطريقة التنفيذ، وإجراءات الطلب وتقديم الخدمة، وأعمالك السابقة لجعل العملاء يثقون في قدراتك ومعرفة المزيد عنك وعما ستقدمه لهم واحترافيتك في تقديمه وكل تلك التفاصيل التي قد يتساءل عنها العميل.


في الختام تؤدي أولوية المنتج والسعر إلى أنواع مختلفة من التقييم.  يمكن أن تؤدي أولوية السعر إلى زيادة شراء المنتجات اليومية بأسعار معقولة عندما يتم التعرف على قيمتها بسهولة. في حين أن المنتجات الأكثر تعقيدًا ذات السعر المرتفع تحتاج لوصفها أولًا وتأخير عرض السعر.